رد الفعل لا يولِّد حركة ذاتية في اكتساب العلم

د

صورة كتب

رد الفعل لا يولد حركة ذاتية، الأمر الذي يقع مع عملية النشر، التي تتحول في كثير من المنصات من شخص لآخر إلى رد فعل لحالة نفسية تمثل إلحاحا على النشر بعد النشر، تحت شعور الحاجة إلى إثبات الوجود.

الرغبة في إثبات الوجود شعور طيب، لكن إذا تحول إلى هوس أمام من لهم وجود مواصل كيفما اتفق، ستضحى كثير من تلك الكتابات عبارة عن محاولات هي أشبه ما يكون بتسجيل الموظف لحضوره اليومي في الإدارة، مخافة تحول صاحبها إلى طي النسيان، أو أن يقف أمام سؤال الحفاظ على المكانة العلمية.

إن المكانة العلمية التي التي تهتم بإثبات الوجود بدل الاهتمام بنوع هذا الوجود هي ما تمثل رد الفعل الذي يجعل غالب النشاط العلمي المدعى عبارة عن رد فعل لأنشطة أخرى لأناس آخرين، فهو نشاط علمي، لكن بالقدر الذي يسمح لصاحبه أن يبقى موجودًا ضمن نفس الفضاء الذي ينشط ضمنه أشخاص قدموا حركات ذاتية، وتتكون مع هذا الخلل نوع ضبابية في التفريق بين الطائفتين.

أنصح بقراءة كتاب: قلق السعي إلى مكانة لآلان دوبوتون
أنصح بقراءة كتاب: قلق السعي إلى مكانة لآلان دوبوتون

إن النشاط العلمي الذي ينطلق من حركة ذاتية، يسعى في معزل، في صفاء ذهني، إلى التكوّن، والتطور وتكشف مناطق غير مأهولة، لم تطأها أقلام، ولم تؤلف حولها أبحاث، لا يعتمد على سرقة الشخصيات، ولا إعادة تحوير أفكار أثيرت على أيدي أصحابها دون الإذعان لهم بالفضل، ولا محاولة الاكتساء بشخصيات نحتتها التجربة، هذه العملية لا يمكن أن تنتج خلال سنة، أو سنتين، إنها نتاج عملية هائلة من القراءة المتواصلة في اتجاهات شتى، مع تكوين رأي في تلك القراءة.

إن عملية القراءة لا تحصل سريعًا، فالكتب ليست وجبةً تؤكل في دقائق، ولا الرأي حولها مذاق يتحصّل سريعًا بشكل لا إرادي، إنها فعل شاق، أشبه ما يكون ببناء العضلة بعد عمل مكثف خلال سنوات من التمارين، وحمل الأثقال، إنها حركة ذاتية للإسهام في نشاط علمي حقيقي، لا ردة فعل اعتباطية لإثبات مجرد بقاء ضمن دوائر اجتماعية ما.

للإشتراك في النشرة البريدية

نشرة البريد

مدونة للمباحثة والنقد ومراجعة الكتب، أوفر خدمات SEO، وخدمات التدقيق اللغوي والتلخيص والتحرير

ردان على “رد الفعل لا يولِّد حركة ذاتية في اكتساب العلم”

  1. الصورة الرمزية لـ محمد

    عظمه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *