الأخبار التي تتابعها عن التطهير العرقي في فلسطين في قطاع غزة الآن والمشاهد التي تراها، هي نفس ما ستجده في هذا الكتاب خلال ما يزيد عن ٧٠ سنة. دون أن يتغير شيء، إلا مدى القوة التدميرية للطائرات. أي أنك تقرأ تفاصيل تعرضنا للإبادة قبل ٧٠ و٦٠ و٥٠ سنة، ولما تغلق الكتاب تذهب لتشاهد تعرضنا للإبادة قبل ربع ساعة وقبل خمس دقائق.
أنصح مع قراءة كتاب إلين بابه، حول التطهير العرقي في فلسطين، متابعة وثائقي (النكبة) الذي قامت بنشره قناة الجزيرة سنة ٢٠٠٨، ضمن أربع أجزاء (٥٠ دقيقة لكل جزء). الوثائقي يوضح بشكل أساسي مدى مساهمة بريطانيا في السماح للكيان بتهجير الشعب الفلسطيني، منذ أول يوم، من السماح لوجود نشاط يهودي سياسي مسلح في الأراضي الفلسطينية إلى آخر يوم وقعت فيه بريطانيا وثيقة انتهاء عهد الانتداب.
الجزء الأول: من عهد نابليون.
الجزء الثاني: تجريم المقاومة وتقسيم فلسطين.
الجزء الثالث: منهجية التطهير العرقي في فلسطين
الجزء الرابع: سيطرة الاحتلال على أراضي فلسطين.
سياسة التطهير العرقي التي يتم ممارستها اليوم، هي امتداد لما يتجذر في العقيدة الصهيونية منذ ١٩٣٧م.
كان لدى بن غريون (رئيس وزراء الكيان ١٩٥٥) خطة وسمت بالخطة (غيمل) سنة ١٩٤٦، تقضي بما يلي: “إلحاق الضرر بحركة النقل الفلسطينية. وإلحاق الضرر بمصادر عيش الفلسطينيين: آبار المياه، والطواحين. مهاجمة النوادي والمقاهي وأماكن التجمع الفلسطينية” 1
تخيل أن مكونات الخطة نفسها، تتكرر من ١٩٤٦ إلى ٢٠٢٣، ولا يزال الإعلام الغربي يشرح أن شيئا غير أخلاقي قد وقع لمدنيِّي الكيان الذين جرى توطينهم في الأراضي الفلسطينية، فورا بعد تنفيذ الخطة (غيمل) بناء على خطة (دالت) ١٩٤٨م التي قضت بعملية ترحيل واسعة النقاط لاقتلاع السكان الفلسطينيين المدنيين من أماكن عيشهم.

“أنا أؤيد الترحيل القسري، ولا أرى فيه شيئا غير أخلاقي”.
- بن غوريون
جاء في الخطة (دالت)، ١٠ مارس/ ١٩٤٨م، التي جرى تنفيذها من الطرف الصهيوني على فلسطين
” يمكن تنفيذ العمليات على النحو التالي: إما تدمير القرى، بإحراقها، ونسفها، وزرع ألغام بين الأنقاض، وخصوصا تلك المراكز السكانية التي من الصعب السيطرة عليها بصورة متواصلة. وإما … إبادة القوى المسلحة وطرد السكان إلى خارج حدود الدولة” 2
“في ١٠ ديسمبر ١٩٤٧م، أخذت النخب الحضرية الفلسطينية تترك بيوتها وتنتقل إلى مساكنها الشتوية في سوريا ولبنان ومصر، وكان ذلك ردة فعل نموذجية من جانب النخب الحضرية في أوقات الأزمات: الذهاب إلى مكان آمن ريثما يهدأ الوضع.
ومع ذلك، فإن المؤرخين الإسرائيليين … فسروا هذا الخروج التقليدي المؤقت بأنه هروب طوعي. كي يقولوا لنا: إن إسرائيل ليست مسؤولة عما آل إليه أمرهم.
وعندما تَركوا، كان في نيتهم العودة إلى بيوتهم لاحقا، ومن منعهم من العودة هم الإسرائيليون: إن منع الناس من العودة إلى بيوتهم بعد إقامة قصيرة في الخارج هو عملية طرد مثل أي عمل آخر موجه ضد سكان محليين بهدف إخلاء الأرض منهم” 3
في هذه الأثناء، وحين النقاش في دائرة ضيقة من الجانب المحتل حول موضوع الأقليات البدوية التي لم تخرج عن حدود فلسطين، قدم عزرا دانين رئيس القسم العربي للهيئة الاستشارية الإسرائيلية اقتراحا:
“إن أعمال العنف ضد الفلسطينيين سترعبهم، الأمر الذي سيجعل أية مساعدة من العالم العربي غير مجدية”، قال هذا في إطار تدعيم سياسات التطهير العرقي واقتلاع كل الفلسطينيين.
رد عليه بن غوريون قائلا “ماذا تعني بأعمال عنف؟” 4 أجاب عزرا دانين “تدمير وسائل النقل، وإغراق القوارب في يافا، وإغلاق دكاكينهم” 5 سأله بن غوريون “كيف ستكون ردة فعلهم؟” 6 أجاب “ردة الفعل الأولية قد تكون أعمال شغب، لكنهم في نهاية المطاف سيفهمون الرسالة” 7
وهكذا، فإن الهدف الرئيسي كان ضمان أن يصبح السكان تحت رحمة الصهيونيين، كي يمكن حسم مصيرهم، ويبدو أن بن غيريون قد أعجبه الاقتراح… واقترح على شاريت اقتراح: تجويع الفلسطينيين حتى الموت
أيلان بابه

أولى عمليات التطهير العرقي في فلسطين
سنة ١٩٤٨م، [قامت] القيادة العليا للهاغاناه، كجزء من الهيئة الاستشارية، كانت تواقة إلى اختبار، بين أمور أخرى، درجة يقظة البريطانيين تجاه أعمالها، ومن ثم قررت أن تنهب قرية بكاملها وتقت.ل عددا كبيرا من سكانها.
كانت القرية التي اختارتها القيادة العليا هي بلد الشيخ، صدر الأمر إلى قائد عملي هو حاييم أفينوعام بتطويق القرية وقت.ل أكبر عدد ممكن من الرجال، وتخريب الأملاك، لكن مع الامتناع من مهاجمة النساء والأطفال، وقد وقع الهجوم في ٣١ ديسمبر، واستمر ثلاث ساعات، وأسفر عن مقتل أكثر من ٦٠ شخصا، لم يكونوا كلهم رجالا.
لكن لاحظ التمييز الذي كان لا يزال قائما هنا بين الرجال والنساء. في الاجتماع التالي قررت الهيئة الاستشارية أن مثل هذا التمييز تعقيد لا داعي له بالنسبة إلى العمليات المستقبلية. وفي الوقت الذي كانت بلد الشيخ تتعرض للهجوم، قامت وحدات من الهاغاناه في حيفا باختبار للوضع أكثر جذرية:
دخلت أحد أحياء حيفا العربية، وادي رشميا، وطردت سكانه ونسفت بيوته، ويمكن اعتبار هذا العمل البداية الرسمية لعمليات التطهير في المدن الفلسطينية. بعد أسبوعين، في يناير ١٩٤٨م، استغلت قوات البالماخ الزخم الناشئ عن العملية لمهاجمة قرية حواسة المجاورة والمنعزلة نسبيا وطرد سكانها، وتم نسف الأكواخ والمدرسة المحلية
التهجير وجعل الفلسطينيين عبئا على الدول العربية، بين الأمس واليوم
“في اليوم الأول من نيسان/أبريل ١٩٤٨م، كانت الهيئة الاستشارية اجتمعت في منزل بن غوريون لوضع اللمسات الأخيرة لعملية نحشون. كانت الأوامر واضحة: الهدف الرئيسي للعملية هو تدمير القرى العربية وطرد القرويين كي يصبحوا عبئا اقتصاديا على القوات العربية العامة”.8
رابط تحميل الكتاب: هنا
قائمة المراجع
- التطهير العرقي في فلسطين، أيلان بابه، ترجمة أحمد خليفة، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، الطبعة الأولى-بيروت، ٢٠٠٧م، ص٨٣ ↩︎
- التطهير العرقي في فلسطين، أيلان بابه، ترجمة أحمد خليفة، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، الطبعة الأولى-بيروت، ٢٠٠٧م، ص١٠٤ ↩︎
- التطهير العرقي في فلسـ/طين، أيلان بابه، ترجمة أحمد خليفة، مؤسسة الدراسات الفلسـ طينية، الطبعة الأولى-بيروت، ٢٠٠٧م، ص١٣٣. ↩︎
- المرجع نفسه، ص١٣٤. ↩︎
- المرجع نفسه، ص١٣٤. ↩︎
- المرجع نفسه، ص١٣٤. ↩︎
- المرجع نفسه، ص١٣٤. ↩︎
- التطهير العرقي في فلس.طين، أيلان بابه، ترجمة أحمد خليفة، مؤسسة الدراسات الفلس.طينية، الطبعة الأولى-بيروت، ٢٠٠٧م، ص٢٠٠، بتصرف ↩︎
اترك تعليقاً