قد يكون للمثقف عشيقة تنتج كتبًا، ولكن لا بد له من زوجة تنتج قمصانًا
دينيس ديدرو
طبق سارتر ودو بوفوار مقولة ديدرو أعلاه، لكن بصورة عكسية. زوجان لأجل الفكر وفقط، هذا ما جعل سارتر يعيش وظائف الحب والزوجية مع دولوريس، وأولجا، وواندا، وبوردان، ولينا زوينينا، وجعل ديبوفوار تعيش ذلك مع ألغرين، وبوست.

الأكثر قرفا، أن ذلك كان بالتراضي، وذي صبغة فلسفية، فسارتر جرب على نفسه تصوره عن الإلحاد، ودي بوفوار بررت زواجها تجاه فلسفتها في الزواج: أن جوهره يعني العبودية، فالزواج من رجل مع تعدد العشاق، هي فكرة فلسفية لديها.
فـ ”منذ البداية، وضعا الاتفاق الشهير بينهما الذي يقضي بالحرية الجنسية والعاطفية… عبرت دو بوفوار عن ذلك قائلة: لقد شرح لي أن ما بيننا هو حب ضروري، وقد يكون من المناسب أن نمر بحب عابر“1
الحقيقة أن سارتر، كان أول تجربة لمشروعه الإلحادي، وهو الذي كان يقول عن الإلحاد «إنه مشروع قاس ويتطلب نفسا طويلًا». تقول لومنييه:
«إنه تشكيل إنسان جديد، متفرغ من كل غيرة وحياء»
مع تحول زواج سارتر-ديبوفوار في سنوات الستينات إلى أن صار مثالا للفوضى الجنسية اللاهية الجديدة، وتجسيدا –في نظر كاتب مثل كورزيو مالابارت وكثيرين غيره– لـ «عرابين ملعونين» ولقطيع شرس وخسيس من أبناء الحرية، كما تقول ليمونيان. علق بذهني أن فكرة سارتر ودو بوفوار، هي ذات الفكرة التي كان ينقدها بقوة فلاسفة الأخلاق في الاتحاد السوفييي، وكانوا يدرِّسون نقدها لطلاب الجامعات في مؤلف البرنامج الوزاري في فلسفة الأخلاق «علم الأخلاق الماركسي»، حتى أن لينين أيضا كان يعزو ذي الحالة للبيئة البرجوازية وكان يطلق عليها مسمى «الحب الحر» ولم يكن متفقا معها بل ناقدًا.

وطبعا علينا أن نفرق بين القول والعمل الشخصي في دراسة الاتساق الفلسفي، لكن هذا الزوج المنحط كان يوحِّد بين القول الفلسفي والحياة العملية، فمع كون سارتر ودو بوفوار كانا من ذوي الأفكار الماركسية. توقعت أن هنالك عدم اتساق داخل المنظومة، وحقا وضحت لومونييه بعد كلامها عن قرف سارتر ودو بوفوار قائلة:
”ومع ذلك علينا الإشارة إلى أن ماركس وأنجلز مؤلفي البيان الشيوعي لم يجعلا من مبدأ الاكتفاء بامرأة واحدة مذهبا بورجوازيا، أو عودة محبطة لعصر بائد، كما لم يجعلوا من تجاوزه أحد أهدافهم الثورية، ففي كتاب أصل العائلة جعل أنجلز من الحصرية العاطفية 2 درجة راقية من العلاقات الجنسية، ومن الزواج: التقدم الأكثر اعتبارية على طريق الأزمنة الحديثة، وإذا انهارت الملكية الخاصة فمن الممكن أن نؤكد تحقق مبدأ الاكتفاء بامرأة واحدة كما كتب رفيق الدرب ماركس“3

المراجع
- الفلاسفة والحب، الحب من سقراط إلى سيمون دي بوفوار، ماري لومونييه، أود لانسولان، ترجمة لينا مندور، دار التنوير الطبعة الأولى ٢٠١٥، ص٢٣٨ ↩︎
- بمعنى حصر ممارسة وظائف الزوجية في شخص واحد سواء جسدية أو عاطفية. وهي نقيض لمسمى “الخيانة الزوجية” أو “الحب الحر”. ↩︎
- الفلاسفة والحب، الحب من سقراط إلى سيمون دي بوفوار، ماري لومونييه، أود لانسولان، ترجمة لينا مندور، دار التنوير الطبعة الأولى ٢٠١٥، ص٢٤٣ ↩︎
اترك تعليقاً